فصل: الْحُكْمُ الثَّالِثُ: مَالُهُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ:

فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ وَجِنَايَتِهِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَحْكَامٍ:

.الْأَوَّلُ نَفْسُهُ:

فَفِي الْجَوَاهِرِ يُهْدَرُ دَمُهُ إِنْ لَمْ يَتُبْ فَإِنْ تَابَ عَصَمَهَا وَتَوْبَتُهُ رُجُوعُهُ وَتَغَيُّرُ حَالِهِ بِرُجُوعِ الْمُتَظَاهِرِ عَنِ التَّظَاهُرِ بَلْ يُظْهِرُ ضِدَّهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَأَمَا الزِّنْدِيقُ وَهُوَ الَّذِي يُظْهِرُ الْإِيمَانَ وَيُسِرُّ الْكُفْرَ أَوْ ظَهَرْنَا عَلَيْهِ فِي حَالِ زَنْدَقَتِهِ فَأَذْعَنَ فَلَا يَرْجِعُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ حَتَّى يَظْهَرَ صِدْقُهُ لِأَنَّهُ بِدَعْوَاهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ عَادَتِهِ مِنَ التَقِيَّةِ وَلِذَلِكَ نَقُولُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ وَلَا نَقُولُ لَا تُقْبَلُ فَلَوْ جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ وَلَمْ نَعْلَمْ كُفْرَهُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ قَبِلْنَاهُ وَعَدَمُ قَبُولِهَا شَاذٌّ فِي الْمَذْهَبِ وَكَذَلِكَ السَّاحر قَالَ الطرمطوشي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ فِي الزِّنْدِيقِ وُلِدَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْد و (ش) وَمن يزِيد وَمَنْ فِي الذِّمَّةِ لَا يُقْتَلُ قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ كُفْرٍ إِلَى كُفْرٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ دِينٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بِجِزْيَةٍ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ نَقْبَلُ تَوْبَته ظهرنا ليه أَمْ لَا وَعِنْدَ (ح) الرِّوَايَتَانِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَ«لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ» احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قد سلف} وَلم يخص المجاهر وَبِقَوْلِهِ تعلى {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة وآبوا الزَّكَاة فَخلوا سبيلهم} وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ» الحَدِيث وَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِسْلَامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبِيٍّ مَعَ عِلْمِهِ بِزَنْدَقَتِهِ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْقِيَاسُ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْكُفَّارِ وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُسَامَةَ فِي رَجُلٍ قَتَلَهُ وَهُوَ يَقُولُ لَا إِلَه إِلَّا الله «من لَك بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا فَرَقًا مِنَ السِّلَاحِ فَقَالَ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ» إِشَارَةً إِلَى تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِحَمْلِهِ عَلَى الْمُجَاهِرِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بأسنا} أَوْ عَلَى أَحْكَامِ الْآخِرَةِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَعَنِ الرَّابِعِ انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ الْيَوْمَ عَلَى أَنَّ مَنْ عُلِمَ نِفَاقُهُ لَا يُقَرُّ فَنَقُولُ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ يُسْتَتَابُ وَإِنَّمَا فِعْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَام لَيْلًا يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ لَقَتَلَهُمْ لِقِيَامِ الْحُجَّةِ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا كَانَ يقتلهُمْ فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَعَلِمَهُ هُوَ وَحْدَهُ وَيُقِرُّ مَعَ عِلْمِهِ فَخَاصٌّ بِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ وَعَنِ الْخَامِسِ الْفَرْقُ بِأَنَّ تَوْبَةَ هَذَا لَا تُثِيرُ ظنا لِأَنَّهُ حَالَتَهُ الْمُسْتَتِرَةَ بِخِلَافِ مُظْهِرِ الْكُفْرِ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْحَرْبِيِّ مَشْرُوعٌ إِجْمَاعًا وَيَثْبُتُ إِسْلَامُهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ لَا بُدَّ مِنَ الْإِسْلَامِ مِنْ بَاطِنِ الْقَلْبِ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ عَرْضُ التَّوْبَةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ وَاجِبٌ وَالنَّظَرُ أَنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَيَكُونُ الْإِمْهَالُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا رِوَايَتَانِ قَالَ مَالِكٌ وَمَا عَلِمْتُ فِي اسْتِتَابَتِهِ تَجْوِيعًا وَلَا تَعْطِيشًا وَأَرَى أَنْ يُقَاتَ مِنَ الطَّعَامِ مَا لَا ضَرَرَ لَهُ مَعَهُ وَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ إِنْ تَابَ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا أَوْ أنثر ارْتَدَّ عَنْ إِسْلَامٍ أَصْلِيٍّ أَوْ طَارِئٍ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ فَإِنْ قَتْلَهُ أَحَدٌ قَبْلَ عَرْضِ التَّوْبَةِ فَلَا قَصَاصَ وَلَا دِيَةَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحسن يُعَزّر عِنْدِي فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ فِي رِدَّتِهِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ مُبَاشَرَةِ الْإِسْلَامِ وَانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ بِالْإِسْلَامِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَقَالَ (ح) عَرْضُ التَّوْبَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِنْ طَلَبَ التَّأْجِيلَ وَعَنْ ش وَأَحْمَدَ قَوْلَانِ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي مَسْلَمَةَ لَا يُمْهَلُ وَيُقْتَلُ وَإِنْ تَابَ دَلِيلُ وُجُوبِ عَرْضِ التَّوْبَةِ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قد سلف} وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فَتَأَوَّلَ أَوْ يُزِيلُهَا عَنْهُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُم} وَجَوَابُهُ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فَلَعَلَّهُمُ الْمُمْتَنِعُونَ عَنِ التَّوْبَةِ.
فرع:
وَافَقنَا الشَّافِعِي وَأحمد على قتل الْمُرْتَدَّة وَقَالَ (ح) تُقْتَلُ وَتُحْبَسُ إِنْ كَانَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حَتَّى تُسْلِمَ فَإِنْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ اسْتُرِقَّتْ أَوْ كَانَتْ أَمَةٌ جَبَرَهَا سَيِّدُهَا عَلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَلِكَةُ أَوِ السَّاحِرَةُ وَسَابَّةُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُقْتَلُ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَتَلَ حَدٌّ لِلْحَرَابَةِ وَهِيَ تُقَاتِلُ أَوْ لِلْكُفْرِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَلِأَنَّهَا تُقْتَلُ بِالزِّنَا كَالرَّجُلِ فَكَذَلِكَ الرِّدَّةُ وَهِيَ تُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَتقْتل كَالرّجلِ أَجَابُوا عَنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرَّجُلُ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مَنْ بَدَّلَتْ وَلَا دِينَهَا وَلَا فَاقْتُلُوهَا وَمَفْهُومُهُ إِذْ خَصَّصَهُ بِضَمِيرِ الرَّجُلِ أَن لَا تُقْتَلَ الْمَرْأَةُ وَأَنَّ الرَّجُلَ جَنَى عَلَى الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ كَانَ عَاصِمًا لِدَمِهِ وَالْمَرْأَةُ لَا يَعْصِمُ دَمَهَا الْإِسْلَامُ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ بِالْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام ينْهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَقِيَاسًا عَلَى كُفْرِهَا الْأَصْلِيِّ وناقصة الْعقل فر تُقْتَلُ كَالصَّبِيِّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الضَّمَائِرَ إِنَّمَا ذُكِّرَتْ لِلَفْظِ مَنْ لِأَنَّهُ مُذَكَّرٌ وَيَشْمَلُ الْفَرِيقَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} وَعَنِ الثَّانِي النَّقْضُ بِالشُّيُوخِ وَالزَّمْنَى فَإِنَّهُمْ يَقْتُلُونَ بِالرِّدَّةِ دُونَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنْ خَبَرَنَا عُلِّقَ فِيهِ الْحُكْمُ بِالْمَعْنَى وَفِي خَبَرِكُمْ بِالِاسْمِ وَالْمَعْنَى أَقْوَى فَيُقَدَّمُ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الرِّدَّةَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ أَقْبَحُ وَلِذَلِكَ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا بِالْجِزْيَةِ وَعَنِ الْخَامِسِ الْفَرْقُ بِالتَّكْلِيفِ فِيهَا دُونَهُ.

فَرْعٌ:
فِي النَّوَادِرِ إِذَا ارْتَدَّ أَهْلُ مَدِينَةِ وغلبوا عَلَيْهَا اسْتُتِيبُوا فَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا قُتِلُوا وَلَا يُسْبَوْا وَلَا يُسْتَرَقُّوا قَالَ سَحْنُونٌ يُسْتَتَابُ مَنْ بَلَغَ مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَيُكْرَهُ الصِّغَارُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقِيلَ يُسْبَى مَنْ بَلَغَ كَالْحَرْبِيِّ وَإِنْ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ وَحَارَبَ فَظَفِرْنَا بِهِ يُسْتَتَابُ وَلَيْسَ كَالْمُحَارِبِ يُظْفَرُ بِهِ قَبْلَ التَّوْبَةِ لِأَنَّ أَهْلَ الرِّدَّة قبلت تَوْبَتهمْ.

.الْحُكْمُ الثَّانِي: وَلَدُهُ:

فَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسْتَرْضَعُ لِوَلَدِ الْمُرْتَدَّةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَتُقْتَلُ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا أُخِّرَتْ وَوَلَدُ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ كَالْوَلَدِ إِذَا أُخِذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَا يُسْبَى بَلْ يَتَحَتَّمُ الْقَتْلُ أَوِ التَّوْبَةُ لِعِظَمِ جِنَايَةِ الرِّدَّةِ وَإِنْ صَارُوا فِي سَهْمَيْنِ أحد أخذُوا مِنْهُ وَلَا يتبعوا بِشَيْءٍ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَرَجَعَ إِلَى سَبْيِ الْبَالِغِ مِنَ الْوَلَدِ لِأَنَّ كُفْرَهُ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ إِسْلَامٌ فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَارْتَدَّ أَهْلُهُ هُنَاكَ فَوَلَدُهُ الْحَادِث بعد الرِّدَّة فَيْء وَكَذَلِكَ وَلَدُهُ الصِّغَارُ كَوَلَدِ الْحَرْبِيِّ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ فَيْئًا وَإِذَا ارْتَدَتْ ذَاتُ زَوْجٍ حُرَّةٌ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَتَزَوَّجَتْ فَوَلَدَتْ ثُمَّ سُبِيَتْ مَعَ الْكُفَّارِ فَأَوْلَادُهَا الْكِبَارُ تَبَعٌ لِآبَائِهِمْ فِي الدِّينِ بِخِلَافِ الْمَأْسُورَةِ الْمُسْلِمَةِ وَلَا يَكُونُ زَوْجُ الَّتِي تَابَتْ مِنَ الرِّدَّةِ أَحَقَّ بِهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا ارْتَدَّ أَهْلُ قَرْيَةٍ قُتِلَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَبَالِغُو الذُّرِّيَّةِ وَلَا يُسْبَى الصِّغَارُ وَلَا يُسْتَرَقُّوا وَلَا تستحل نِسَاؤُهُم وَإِن كَانُوا أهل ذمَّة فدراريهم وَأَمْوَالهمْ فِي خَ تَبَعٍ لِرِجَالِهِمْ لِانْدِرَاجِهِمْ فِي نَقْضِ رِجَالِهِمُ الْعَهْدَ كَفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قُرَيْظَةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ارْتَدَّ وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ امْتَنَعَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَكَبِرَ يُضْرَبُ وَلَا يُقْتَلُ وَإِنْ وُلِدَ حَالَ الرِّدَّةِ وَأُدْرِكَ قَبْلَ الْحُلُمِ جُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَإِنْ بَلَغَ تُرِكَ وَلَا يَكُونُ كَمَنِ ارْتَدَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إِسْلَامٌ فِعْلِيٌّ وَلَا حُكْمِيٌّ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اتَّخَذَ الْأَسِيرُ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أُمَّ وَلَدٍ فَمَاتَ وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ الْأَمَةَ وَوَلَدَهَا فَهُمْ مَعَهَا أَحْرَارٌ وَمَالُهُ فَيْءٌ وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فالجميع فيئ لِأَنَّهَا حَالَةٌ لَا يَتَقَرَّرُ بِهَا تَصَرُّفٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ لَمْ يَعْتِقْهَا حَتَّى بَلَغَ الْوَلَدُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ الْكُفْرِ لَمْ يُجْبَرُوا على الْإِسْلَام وهم فَيْءٌ وَصِغَارُهُمْ أَحْرَارٌ مَعَ أَبِيهِمْ قَالَ مَالِكٌ وَكُلُّ مَا وُلِدَ لِلْمُرْتَدِّ بَعْدَ رِدَّتِهِ لَهُمْ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ وَلَا يُرَقُّ وَيُجْبَرُ الصِّغَارُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَيُسْتَتَابُ الْبَالِغُ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنِ ارْتَدَّ لَا يَتْبَعُهُ وَلُدُهُ الصَّغِيرُ فِي الرِّدَّةِ لِأَنَّ التَّبِعَةَ إِنَّمَا تَكُونُ فِي دِينٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ فَإِنْ قُتِلَ الْوَالِدُ عَلَى الْكُفْرِ بَقِيَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا فَإِنْ أَظْهَرَ خِلَافَ الْإِسْلَامِ أُجْبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ غُفِلَ عَنهُ حَتَّى بلغ فَفِي إِجْبَاره خِلَافَ الْإِسْلَامِ أُجْبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ غُفِلَ عَنهُ حَتَّى بلغ فَفِي إِجْبَار خِلَافٌ إِذَا وُلِدَ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَفِي الْإِجْبَارِ بِالسَّيْفِ أَو بالسود خِلَافٌ وَإِنْ وُلِدَ بَعْدَ الرِّدَّةِ أُجْبِرَ وَإِنْ بَلَغَ وَقِيلَ إِنْ بَلَغَ تُرِكَ.

.الْحُكْمُ الثَّالِثُ: مَالُهُ:

فَفِي الْجَوَاهِرِ يُوقَفُ إِنْ عَادَ أَخَذَهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ كَدَمِهِ وَرَوَى الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ مَالَهُ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ كَالْحَرْبِيِّ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْغَنِيمَةِ وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَفَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا فَلِسَيِّدِهِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطْعَمُ مِنْ مَالِهِ زَمَنَ رِدَّتِهِ وَإِنْ بَاعَ وَاشْتَرَى بَعْدَ حَجْرِ السُّلْطَانِ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ فَقِيلَ لَمْ يَكُنْ دَيْنُهُ فِي هَذَا الْمَالِ بَلْ فِي كُلِّ مَا أَفَادَ مِنْ حِينِ حُجِرَ عَلَيْهِ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ انْتَقَلَ لِلْمُسْلِمِينَ وَكُلُّ مَا بَاعَ أَوْ عَمِلَ أَوِ اتَّجَرَ أَوِ اشْتَرَى أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَدَيْنُهُ فِيهِ حَتَّى يُوقِفَهُ السُّلْطَانُ لِلْقَتْلِ فَلَا يَلْحَقُهُ دَيْنٌ إِنْ قُتِلَ لِعَدَمِ الذِّمَّةِ بِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ وَإِنْ رَجَعَ فَدَيْنُهُ فِي مَالِهِ وَذِمَّتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا تَزَوَّجَ وَبَنَى فَلَا صَدَاقَ لَهَا قَالَ سَحْنُون ردته حجر وَلَا يحْتَاج لحجر إِلَّا أَنْ يُتَابِعَهُ أَحَدٌ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ يُزَوِّجَهُ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا يُبَايِعُ الْمُفْلِسُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ بَاعَ شَيْئًا تَعَقَّبَهُ الْإِمَامُ فَيُمْضِي الْغِبْطَةَ وَيَرُدُّ الْمُحَابَاةَ إِنْ قَتَلَهُ وَإِنْ تَابَ كَانَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ تَزَوُّجَ وَبَنَى فَإِنْ قُتِلَ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ تَابَ فَلَهَا الصَّدَاقُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَا بَاعَ أَوِ اشْتَرَى أَوْ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ بَاطِلٌ بِخِلَافِ نِكَاحِهِ وَمَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ بَاعَ بَعْدَ الْحَجْرِ لَمْ يَدْخُلْ فِي مَالِهِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ وَمَنْ أَظْهَرَ رِدَّتَهُ فَقُتِلَ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَتَبْطُلُ وَصَايَاهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ إِلَّا مَا لَيْسَ لَهُ فِيهِ رُجُوع كَالْمُدَبَّرِ فَهُوَ مِنْ ثُلُثِهِ يَوْمَ قُتِلَ أَوْ مَا خَرَجَ مِنْهُ وَمُعْتِقِهِ إِلَى أَجَلٍ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَبِدَيْنِهِ حَالَةَ الْإِسْلَامِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ رِدَّتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ إِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحَجْرِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَلْزَمُهُ دُيُونُهُ الَّتِي ادَّانَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ وَيُنَفَّذُ إِقْرَارُهُ وَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ لَزِمَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ مَالُهُ إِلَّا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَفِيهِنَّ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعْنَ يَطَؤُهُنَّ وَقَالَ أَشْهَبُ عَتَقْنَ بِالرِّدَّةِ كَامْرَأَتِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِم مَا أدان قَبْلَ الرِّدَّةِ يَلْزَمُهُ أَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ فَهَدَرٌ إِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ وَلَازِمٌ إِنْ تَابَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ أَصَحُّ مَا سَمِعْتُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُنْفَقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا عَلَى عِيَالِهِ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ بِالرِّدَّةِ وَلَا مَنْ قُلْنَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ مَعَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ فُقِدُوا فَلِبَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ أَشْهَبُ بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الرِّدَّةَ قَطَعَتْ نَسَبَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أَعْتَقَ فِي رِدَّتِهِ أَوْ كَاتَبَ فَرُدَّتْ كِتَابَتُهُ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ وَلَاءٌ وَلَا يَأْخَذُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا مَلَّكَ لِضَرُورَةِ الْحَيَاةِ وَهَذَا مَيِّتٌ شَرْعًا وَيَرِثُ الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ سَيِّدَهُ وَكَذَلِكَ مَنْ فِيهِ عَلَقَةُ رِقٍّ لِأَنَّهُ يَرِثُ بِالْمِلْكِ لَا بِأَسْبَابِ الْمِيرَاثِ.
فرع:
فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ بِالرِّدَّةِ فِي رَمَضَانَ وَآخَرُ عَلَيْهِ بِهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَمَاتَ مَنْ يَرِثُهُ فِي شَوَّالٍ وَرِثَهُ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلَّا فِي ذِي الْقَعْدَةِ لِأَنَّ النِصَابَ لَمْ يَكْمُلْ إِلَّا فِيهَا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ مَاتَ لِلْمُرْتَدِّ وَلَدٌ مُسْلِمٌ وَرِثَهُ غَيْرُ الْأَبِ وَلَا يَرِثُهُ الْأَبُ وَإِنْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ نَقَلَتِ الْمِيرَاثَ لِغَيْرِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَرِثُهُ إِنْ رَجَعَ لزوَال الْمَانِع.

.الْحُكْمُ الرَّابِعُ فِي جِنَايَتِهِ:

فَفِي النَّوَادِرِ جَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً كَالْمُسْلِمِ إِذَا رَجَعَ وَمَرَّةً جَعَلَهُ كَالنَّصْرَانِيِّ وَرَجَعَ لِلْأَوَّلِ وَذَلِكَ فِيمَا جَرَحَ أَوْ جَنَى عَلَى عَبْدٍ أَوْ سَرَقَ أَوْ قَذَفَ فَيَجْرِي مَجْرَى الْمُسْلِمِ إِذَا رَجَعَ وَإِلَّا قُتِلَ وَلَا يُقَامُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إِلَّا الْفِدْيَةُ وَإِنَّ قَتَلَ حُرًّا وَهَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَكُنْ لِوُلَاةِ الْمَقْتُولِ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ وَإِنْ قَتَلَ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لِوُلَاةِ الْمُسْلِمِ الدِّيَةُ مِنْ مَاله إِن شاؤا أَوْ يَصْبِرُوا حَتَّى يَقْتُلُوهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا خَطَأً فَدِيَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ يَرِثُهُ وَإِنْ قَتَلَ نَصْرَانِيًّا أَوْ جَرَحَهُ اقْتُصَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ دُونَهُ أَوْ جَرَحَ مُسْلِمًا لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ وَإِنْ قَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا عَبْدًا لَا أُعَجِّلُ الْقِصَاصَ حَتَّى أَسْتَتِيبَهُ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ وَقُتِلَ سَقَطَ عَنهُ ذَلِك إِلَّا الْفِرْيَة لِأَنَّهَا حَقٌّ ذِمِّيٌّ وَإِنْ تَابَ اقْتُصَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَتُبْ مُسْتَحِقٌّ لِلرِّدَّةِ وَإِنْ قَتَلَ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا عَمْدًا فَذَلِكَ فِي مَالِهِ قُتِلَ أَوْ تَابَ فَإِنْ قَتَلَ الْمُرْتَدُّ أَحَدًا عَمْدًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ دِيَتُهُ فِي مَالِهِ دِيَةُ أَهْلِ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ لِأَنَّهَا سَوَاءٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا الْأَدَبُ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ وَإِنَّمَا افْتَاتَ عَلَى الْإِمَامِ فَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ قَذَفَهُ أَوْ زَنَى ثُمَّ يُؤْسَرُ فَلَمْ يَتُبْ يُقْتَلُ وَيَسْقُطُ الْقَذْفُ وَإِنْ تَابَ سَقَطَ عَنْهُ كُلُّ شَيْءٍ فَعَلَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ كَالْحَرْبِيِّ وَمَنْ وَجَدَ مَعَهُ مَالَهُ بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ وَإِلَّا لَمْ يتبعهُ وَإِن كَانَ مَلِيًّا قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَتَلَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ جلد مائَة وَحبس.

.الْحُكْمُ الْخَامِسُ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ:

تَقَدَّمَ فِي الْحُكْمِ الرَّابِعِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَتَلْتَهُ فَلَا قَصَاصَ وَلَا دِيَةَ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَعَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَدِيَةُ يَدِهِ لَهُ دِيَةُ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ جَرَحَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَعَقْلُ جِرَاحِهِ لِلْمُسْلِمِينَ إِنْ قَتَلَ وَلَهُ إِنْ تَابَ وَلَوْ جَرَحَهُ عَبَدٌ أَوْ نَصَرَانِيٌّ فَلَا قَوَدَ بَلِ الْعَقْلَ قَالَهُ أَشْهَبُ وَمَا أُصِيبَ بِهِ فِي رِدَّتِهِ مِنْ جُرْحٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ثُمَّ تَابَ اقْتُصَّ لَهُ فِي الْعَمْدِ مِنَ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا أَوْ عَبْدًا لَمْ يُقْتَصَّ لَهُ مِنْهُمَا وَذَلِكَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِي مَالِ النَّصْرَانِيِّ وَإِنْ كَانَ الْفَاعِلُ مُرْتَدًّا ثُمَّ تَابَ اقْتُصَّ مِنْهُ فَإِنْ تَابَ الْمَفْعُولُ بِهِ دُونَ الْفَاعِلِ أَتَى الْعقل عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّ مَا أُصِيبَ بِهِ الْمُرْتَد فعقله للْمُسلمين كمن سحن فِي قَتْلٍ فَجُنِيَ عَلَيْهِ فَلَهُ الْقِصَاصُ وَإِنْ قَذَفْتَ مُرْتَدًّا فَلَا حَدَّ تَابَ أَمْ قُتِلَ قَذَفَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَكَذَلِكَ إِنْ قُذِفَ قَبْلَ ارْتِدَادِهِ فَلَا حَدَّ وَإِنْ تَابَ كَمَنْ زَنَى بَعْدَ الْقَذْفِ وَلَوْ قَذَفَهُ بِأُمِّهِ حُدَّ لأمه إِن كَانَت مسلمة.

.الْجِنَايَة الثَّالِثَة: الزِّنَا:

وَفِي التَّنْبِيهَاتِ هُوَ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ فَمَدُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ فُعِلَ مِنَ اثْنَيْنِ كَالْمُقَاتِلَةِ وَمَصْدَرُهُ الْقِتَالُ وَقَصْرُهُ لِأَنَّهُ اسْمُ الشَّيْءِ نَفْسِهِ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الشَّيْءِ الضَّيِّقِ وَأَصْلُ تَحْرِيمِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا} الْآيَةَ وَفِي السُّنَّةِ أَحَادِيثُ الرَّجْمِ وَغَيْرِهِ وَأَجْمَعَتِ الْأَمَةُ عَلَى تَحْرِيمِهِ.
قَاعِدَةٌ: الْكُلِّيَّاتُ الْخَمْسُ أَجْمَعَ عَلَى تَحْرِيمِهَا جَمِيعُ الشَّرَائِعِ وَالْأُمَمِ تَحْرِيمُ الدِّمَاءِ والأعراض والعقول الْأَنْسَاب وَالْأَمْوَالِ فَيُمْنَعُ الْقَتْلُ وَالْجِرَاحُ وَالْقَذْفُ وَالْمُسْكِرَاتُ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَإِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي الْقَلِيلِ مِنَ الْخَمْرِ فَعِنْدَنَا يَحْرُمُ تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ وَعِنْدَ غَيْرِنَا مُبَاحٌ وَالنَّظَرُ فِي تَحْقِيقِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ وَفِي الْمُوجِبِ.